بأسم الثالوث الاقدس
سلام مَنْ بجراحه نحن شفينا ومَنْ بموته أحيانا.
من الأسماء المعروفة عن هذا اليوم: يوم الجمعة الحزينة أو الجمعة العظيمة. لماذا حزينة ولماذا عظيمة؟ حزينة بالطبع لأن البشرية منذ ألفي سنة والى اليوم: ما زالت تحكم على يسوع بالموت...ما زالت ترفض حضور الرب...ما زال كل واحد فينا اليوم بكل خطيئة مميته يرتكبها نجلد يسوع ونرفض صليب يسوع. بلامبالاتنا...بفتورنا...بكسلنا...بأنانيتنا...بحسدن ا...بغضبنا....بقتلنا للحياة...بتشويه صورة الله فينا...
ما زالنا الى اليوم نبحث على مثال يهوذا عن فرصة لقتله في قلوبنا وفي بيوتنا وفي وسطنا. لا أدري من عليه أن يحزن؟ هل نحزن نحن على الرب الذي نحمله كل هذه الآلام؟ أم نحزن على حالنا؟ قال يسوع للنسوة: لا تبكين عليّ بل ابكين على أنفسكن.
نعم، نعم اليوم يدعونا الرب لا أن نبكي عليه بل أن كل واحد منا اليوم والآن يبكي ويحزن على نفسه ...على نفسكَ أنتَ وعلى نفسكِ أنتِ على مثال بطرس. بنكرانه الرب. لإنني في كثر من الأحيان لم أقبل يسوع (هربت منه...رفضت حضوره في حياتي...حياة العالم ومشاغلها أخذتني منه...لم يعد له مكان في حياتي)... لإنني في كثر من الأحيان أنكر يسوع... لإنني في كثير من الأحيان أسلم فيها نفسي الى الهلاك.... لإنني في كثر من الأحيان آمنت بكلام أبو الكذب والخدّاع الشيطان. يسوع اليوم يدعونا أن لا نبكي عليه أو على أي إنسان...يسوع يدعونا أن أبكي على نفسي...يسوع اليوم يدعونا أن لا نرثي أحداً...بل علينا أن نرثي وأن نبكي حالنا، لا تبكوا اليوم على من غادروا هذه الحياة...ومن كان له أذنان للسمع فليسمع. البكاء والدموع هي نعمة من الرب...وهي أثمن من كنوز الأرض كلها بشرط أن تكون علامة خارجية لتوبة صادقة وحقيقية وحية، علامة على ارتدادنا...علامة على رفضنا للعودة من جديدة للعيش بالخطيئة.
الجمعة اليوم هي جمعة عظيمة؟ عن أي عظمة اليوم نتكلم أمام رجل مُهان، معذّب، متروك، مصلوب. أي جنون عظمة نتكلم عنها اليوم؟ جنون عظمة المحبــة. عظمة المحبة المتجلية أمامك اليوم على خشبة الصليب، نعم اليوم نتذكر ونعيش في هذه اللحظات كم أن الرّب عظيم في محبته، فقد علّم وعاش ما علّم:
- اليوم الرب يجدد لي أن اليوم وعود محبته أنا الإنسان الناكر لجميل الرب ولنعمه على حياتي...
- اليوم الرب يجدد لي أنا اليوم وعود مغفرته: "اغفر لهم يا أبتي لإنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، لو أننا نعرف كم من الألام نسببها للرب بخطايانا لا أدري ما كنا نفعل بذواتنا.
- اليوم الرب يجدد لي أن الخاطئ مواعيد الفردوس والسلام والحياة الأبدية "أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" نعم اليوم ستكون معي في الفردوس. ما أعظم يا رب رحمتك.
- اليوم الرب وهو على الصليب معلق متروك يجدد لي أنا اليوم حقيقة الصليب والألم...كم كان الصليب مؤلماً...كم كان الصليب عاراً...كم كان الصليب ضعفاً...فالصليب اليوم مع يسوع هو نعمة خلاص لي أنا اليوم...فالصليب اليوم مع يسوع هو انتصار على إبليس وملائكته الأشرار...فالصليب اليوم مع يسوع هو تسليم كامل لإرادة الله الآب السماوي الذي يقودنا على درب الحياة فالموت ليس بموت مع الرب بل هو طريق الى الحياة.
بجراحه نحن شفينا: أريد أن أتوقف قليلاً عند هذه الكلمات الثلاث: استوقفتني هذه الكلمات لإنها تبدو فيها من التناقض ما يكفي للتأمل بها واكتشاف معانيها. ماذا تعني هذه الكلمات المقدسة؟ يسوع المجروح يشفي جروحنا...فيسوع الذي ينزف دماً بدمه يوقف سيل دماءنا...يسوع الضعيف اليوم يسند ضعفنا ويقوينا ويرفعنا...يسوع اليوم المتروك هو معكَ اليوم ومعكِ اليوم. يسوع عرف ما معنى الألم...ويسوع اختبر ألامنا...لكن لم يدع فرصة للعدو أن يحوِّل ألامه الى موت أبدي بل الى حياة أبدية.
ما هي جراح يسوع؟ جراح يسوع هي ستة: إكليل من شوك على رأسه...وحربة طعنت قلبه...ومسامير بيديه وبرجليه.
بإكليل الشوك الذي كان علامة سخرية فبإكليل الشوك كللوا الجنود الرومان يسوع ملكاً...غرسوا إكليل الشوك برأس يسوع...انغرس الشوك في جمجمة يسوع، وسال على أثرها دم الرب الملك القدوس...دم مقدس...لنطلب من الرب بحق آلام رأسه وبحق دمه النازل من رأسه أن يقدّس الرب أفكارنا...أن يقدّس الرب إرادتنا...أن يقدّس الرب قرارتنا...أن يعطينا الرب روحه القدوس لنميز قبل أي قرار نأخذه مشيئة الآب السماوي من مشيئة إبليس.
وقلبه المطعون بحربه "سينظرون الى من طعنوا"، سال من قلبه دم وماء...نعم يا رب بحق الدم والماء الجاري من ينبوع قلبك...نسألك يا رب أن تقدّس عواطفنا...وميولنا...نسألك يا رب أن تجعلنا نستقي من دمك...نسألك يا رب أن تغسلنا وتطهرنا بمائك الطاهر...نسألك يا رب أن نولد من جديد من قلبك المطعون من أجلنا. أن نولد من قلب المحبة الإلهية لنعيش هذه المحبة في كل تفاصيل حياتنا.
سُمِّرت يداه وقدميه على خشبة الصليب ومنها سالت دماء: بحق هذه الدماء المقدسة نسألك يا رب أن نصلب على مثالك جسدنا...نسألك يا رب بحق دمك المقدس أن تقدس يا رب أيدينا "ابعدنا يا رب عن السرقة...ابعدنا يا رب عن الضرب...ابعدنا يا رب عن كل خطيئة يمكن ان ترتكبها أيدينا"...نسألك يا رب بحق دمك المقدس أن تقدس يا رب أقدامنا " قد يا رب خطواتنا ونوّر يا رب طريقنا...أعطنا يا رب أن نسير على دربك درب صليب إلا أنه درب حياة، أبعدنا يا رب عن كل خطيئة يمكن أن تقودنا أقدامنا إليها
بين يديك استودع روحي، قال هذا ولفظ الروح: إن الرب بآخر كلمتين أعطانا عطيتين
الأولى اعطانا موته...علامة حية لعظمة محبته...فبموته نحيا...وبالألم مع الرب نتقدس وننعم ببركات ونعم من الرب هي نعم الإنتصار والغلبة على سيد هذا العالم. والعطية الثانية هي روحه القدوس ليكن هذا الروح مرشداً ومعزياً وسنداً لنا لكي نسلك دائماً على الطريق والحق والحياة عنوانها لتكن مشيئتك يا رب لا مشيئتي حتى لو كان الأمر يتطلب موتي لإن باتحادي بك يتفجر قبري الى نور القيامة. أمين
الجمعة سبتمبر 09, 2011 11:52 pm
