هل قصة طروادة حقيقية؟ وهل وقع ذلك الحصار الذي امتد عشر سنوات في القرن الحادي عشر قبل الميلاد في العصر البرونزي؟ إن هوليوود أعادت إحياء هذا الموضوع في فيلم طروادة في ربيع عام 2004م وكذلك قامت مجلة المرآة الألمانية باستعراض القصة كاملة لتقول إن معظم الدلائل تشير إلى وقوعها. ويذهب ديورانت المؤرخ ليكشف لنا أنها تسع مدن فوق بعضها بعضًا وأن كنز بريام يعود إلى المدينة السادسة فسبحان الله في عبرة التاريخ. وفي عام 1822 م ولد الألماني (هنريك شليمان) وكان أبوه مولعًا بقصص التاريخ وما رواه الشاعر اليوناني هوميروس فكان خيال الطفل يشطح فيتذكر حصار طروادة الذي استمر عشر سنوات وكيف أن قبائل الآخِيين الذين اجتمعوا من كل حدب من جزائر اليونان تضافروا على اقتحام مدينة طروادة ففشلوا ولم ينجحوا إلا بواسطة خدعة الحصان الخشبي. تقول رواية الشاعر اليوناني (هوميروس) الذي كان يتنقل بين مدن اليونان ويروي القصة ممزوجة مع الموسيقى أن (أوديسوس) المكَّار اقترح خطة بعد عشر سنوات من الإعياء ومقتل الرجال ونفاد المؤن أن يتظاهروا باليأس ومغادرة مدينة طروادة وهي الآن تقع على الساحل التركي عند تلة (حصار لك) قريبة من مضيق الدردنيل. وإذا تأمل الإنسان الخارطة رأى أن البحر المتوسط لا يتصل بالبحر الأسود مباشرة بل عبر فجوتين الأولى: البوسفور، والثانية: مضيق الدردنيل وهو ما كان يسمى في التاريخ (الهلسبونت) وعنده وقف الامبراطور الفارسي (كزركسيس) متأثرًا من مرأى أعداد الجنود الكثيفة التي تعبره لاجتياح بلاد اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد ثم رد الطاغية الفارسي على أعقابه مذمومًا مدحورًا ومن تبعه منهم وولدت الديمقراطية في اليونان وتفتح العقل على عبقريات لا نهاية لها. أما أحداث حصار مدينة طروادة فكانت أسبق من الحملة الفارسية بسبعة قرون، ويقدر المؤرخون حدوثها بين عامي 1194 و 1184 قبل الميلاد. ونعود إلى أوديسوس فقد اقترح بناء حصان كبير جدًا بحيث يتسع بطنه لعصبة من الرجال أولي القوة ثم تغادر الحملة العسكرية المنطقة برمتها وتختفي في لجة البحر الذي يقترب من المدينة ثلاثة أميال، ومن خلال خطة اتفق عليها الفريقان يتسلل الرجال من بطن الحصان الذي لا يفتح إلا من الداخل فيفتحون بوابة المدينة خلسة وتنقض الجموع على الناس النيام مع هجعة السحر وكان موعدهم الصبح. تقول رواية هوميروس إن أهل المدينة راقبوا الجموع من فوق الأسوار وأعينهم لا تصدق أن الحصار انتهى وأن جيوش الحلفاء غادرت ولكنهم لاحظوا ظلاً كبيرًا في الساحة بعد أن نفض القوم المنصرفون مضاربهم. وانتظروا حتى جلاء آخر جندي ثم بعثوا رسولهم يستطلع الخبر ما بال النصب الواقف على شكل حصان. كانت الخدعة الأولى في التاريخ ومنها حفظت في بطون الكتب كيف يذهب العدو ويترك من يقوم بالمهمة فيدمر على نحو أشد مكرًا. فرح القوم بالحصان وقرروا أن يقوموا باحتفال يروحوا به عن أنفسهم من عناء الحصار وطالما انفك الأمر فليشربوا الآن دون حدود وليأكلوا حتى ما فوق الشبع وليحتفلوا فهو يوم فرح وترويح ولم يعرفوا أنه يوم تشيب له الولدان، ويتقرر مصير مسح المدينة مسحًا من خارطة الوجود وأن عليهم ألا يفرحوا. عند الصباح مع نسمات السحر كانت المدينة تهلك بالسيف والنار وتختفي من الوجود ويقضي أهلها حتفهم بحد السيف وتعلق مجلة (p.m) الألمانية على الحادثة بالقول "إنها كانت الحرب العالمية في العصر القديم".